اعمدة راي

الزبير نايل يكتب … لحظة تأمل عند عتبة عام جديد

أطرقت هنيهة وانكفأت إلى داخلي في لحظة تأمل والعالم ينشر على خيوط العشم أمنياته في مطلع العام الجديد والمدن تُبهجُ نفسها بجميل ثيابها وكثيف عطرها …شعوب أوقدت الشموع ترحابا بسنة جديدة وتغيرت رزنامتها وشعوب أخرى أطفأت السراج ونامت على ذات وسادة عامها الذي لم تغرب شمسه بعد.

طفقت أفتش في طيات نفسي وأنقب في كهفوها، أنفض غبارا راكمته السنين، سرحت بخيالي لأيام الصبا فإذا هي قريبة ومد بصري بكل تفاصيلها، أقفز لريعان الشباب فأشعر بظلاله الوريفة تتمدد على هامتي … أذهب إلى ما تلاها من سنوات فإذا بطعمها عالق بلهاتي..

شريط الذكريات بألوانه الناصعة يمر أمامي.. تمور نفسي ويصطرع قلبي مع عقلي..هل أنا من الأمس أم اليوم؟ أم امتداد موصول مشدود الأطراف ،، جزء من ذكرياتي طواها الزمن وأصبحت في حكم الأحاجي عندما أذكرها لأبنائي، وفي ذات الوقت أشعر بالتماهي والاندغام مع جيل اليوم وأخوض معهم في قضايا شديدة الحداثة أنبتها الزمان في غير تربتنا وغير مناخات أعمارنا..

كم هو مدهش لدرجة الإرباك الشعور بمطاطية الزمن .. الإحساس بأنك تتحكم في ضبطه عند نقطة محددة ترفض مغادرتها .. كل الناس تغدو وتروح بين ربيع العمر وخريفه لكنها تستبعد الصيف والشتاء تماما من مساره …هذا سر أودعه الله في النفس البشرية لتظل الحياة مشرقة وتمضي مواكب إعمارها بذات الوهج والعزيمة …

شعرت أنني في حلقة دائرية لن تُفضي بي إلى نهاية.. نظرت إلى السماء فإذا بالشمس قد توارت خلف الغيوم ، وأشجار في فناء داري غسلها المطر تتمايل مع نسمات الشتاء .. رشفت ما تبقى من قهوة في الفنجان .. بدأتْ زخاتُ أملٍ تهطل على نفسي التي حدثتني بصوت جهير : ياهذا دع عنك كل هذا.. لا تكن فريسة لحسابات السنين .. أشدد إزارك واشحذ همتك واسرج خيول عزمك لأن هناك مسافاتٍ لابد من قطعها وتلالا يجب صعودها وبحارا تنتظر العبور ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى