اعمدة راي

الزبير نايل يكتب … وطني يؤلمني

الأرض التي خُلقتْ لتُغيثَ الناس لم تعد تنبت السنابل.. النيل العابر فوق الأحلام شفاهُ شواطئه عطشى.. الشمس الساطعة بددت أشعتَها رياحُ الخلافات الهوجاء ونفخُ الكير الذي تطفح به الساحات حتى حجب ضوء القمر وما عادت الفصول مواسمَ تبشرُ بالمطر…الحقول التي كانت خضراء تم تسميدُها بالغبن والكراهية فاصفرت أوراقها وذبلت.. هذا الشعب الطيب واسطة عقد الشعوب تلبدت سماؤه بغيوم داكنة جعلت سواعده الفتية تستجير من الرمضاء بجمر المهاجر .. آمالنا في حالة جزرٍ دون مد وكل صباح تُطلُ كقرنِ الشيطان أزمةٌ جديدة حتى باتت تلال الأزمات تحيط بالبلاد إحاطة السوار بالمعصم .

لم نعد نحتاج إلى زرقاء اليمامة لتنبهنا أن هناك شجرا يتحرك ذلك أننا وسط الغابة بكل وحوشها..لا نحتاج لدخانٍ يتصاعد لندرك أن هناك وميضَ نارٍ في أطراف مدينتنا ذلك أننا نطأ جمرا حارقا ..كل فئة تلعن أختها وكل مجموعة تُريد مُزعةً من هذا الجسد المعلول رغم النُذرِ بأن خطرا وشيكا يتهدد كياننا وأن سوسا ينخر في مفاصل دولتنا…

لماذا كلُ شيء في غير مكانه يا وطني.. حتى أشعارنا و أغنياتنا لم تعد تثير ذاك الشجن ، أين نحن من هاتيك المعاني العميقة عندما كان شادينا يصدح :
كلُ أجزائه لنا وطن إذ نباهي به و نفتتن..
لنردد من خلفه بصوت واحد رغم اختلاف سحناتنا وبكل حب للأديم…
يا بلادي …
يا بلادا حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن ….
نحن بالروح للسودان فدا فلتدم أنت أيها الوطن..

الأوطان لا تُبنى بمداميك الأحقاد ولا تقوم على أعمدة الكراهية ولا تُطلى بالأماني .. وإنما بحب أبنائها وتعاونهم وتكاتفهم ومن يقول للناس غير ذلك فهو ينسج لهم الأوهام بخيوط العنكبوت.. أفكارنا يجب أن تتصارع وتتنافس للبناء وليس الهدم وتحقيق انتصارات ذاتية صغيرة.
الوطن ينزلق من بين أيدينا ونحن في غينا سادرون …
الله غالب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى