عمدت حكومة الإنقاذ منذ مجيئها إلي سدة الحكم إلي إلغاء دور الضابط الإداري بعد تعديل نظام الحكم في السودان من الأقاليم إلي الولايات واستبدال المحافظات بالمحليات وبدأت مراحل تسيس العمل الإداري علي كل المستويات بما فيها الحكم المحلي . فغاب دور الضابط الإداري العَالِم بكل الأمور الخدمية والتنموية والإدارية في رقعته الإدارية زاده في ذلك دِراية ومعرفة وتدريب وخبرة اكتسبها من تنقله في أقاليم السودان إن لم يكن جميعا فمعظمها
الحُكم المحلي بحسب تعريف بعض المختصين هو المستوي القاعدي للحكم الاتحادي الفيدرالي والأقرب التصاقا وقربا للمواطن ومعرفته بنظام اللامركزية في الحكم والمشاركة الشعبية تلبية لاحتياجاته الحياتية وتحويل الشعارات والسياسات إلي واقع ملموس معاش ،وكذلك هو الوعاء الجامع لممارسة الديمقراطية والشورى وتقوية الإحساس بالمواطنة،والبوتقة التي ينصهر فيها التنوع في الأجناس والقوميات والأديان والمعتقدات المحلية والثقافات محققة الوَحدة الوطنية ورتق النسيج الاجتماعي،والبوتقة التي تنصهر فيها القبلية والعرقية والجهوية وهو الحكومة المصغرة التي تمثل إرادة المواطنين المحلية،
ذلك نلاحظ اليوم بعد ثورة ديسمبر والخلافات السياسية التي ضربت مفاصل الحكم في البلاد وعدم الاتفاق علي شخصية سياسية بعينها أو حزب سياسي معين تمت الاستعانة بالضباط الإداريين لقيادة العمل التنفيذي بعدد من الولايات . وكانت بصماتهم واضحة وتحركاتهم ملموسة وجهودهم مقدرة .
ونذكر هنا والي الخرطوم السيد أحمد عثمان حمزة الذي اثبت ميدانيا أن الضابط الإداري هو أساس النهضة التنموية التي ترتكز علي معرفة إدارية مسنودة بخبرة تراكمية تعينه علي اتخاذ القرار الصحيح بعدأً عن المصالح الحزبية التي تفتقر دائما إلي الصواب والمنطق في اتخاذ القرارات لأنها قائمة علي الترضيات السياسية وتغليب مصالح الأشخاص والكيانات دون مراعاة لمصلحة الوطن . فالرجل يَشهد له الأعداء قبل الأصدقاء بأنه شُعلة من النشاط حاملا مكتبه الي الميدان . وهذا حال كل بلدان العالم المتطورة فرجل الدولة يُكلف ليخدم لا ليُخدم ليِعمل من أجل مصالح الناس لا ليعَمل الناسُ من أجل مصلحته .
وقصدت من مقالي هذا أن تراجع الدولة في أعلي قمتها وتقيم دور هؤلاء الضباط الإداريين المجردين من الانتماءات السياسية . حتى تكون تجربتهم هاديا لمستقبل العمل التنفيذي الذي هو أساس التنمية المستدامة والاستقرار المجتمعي . ففي ظروف سياسية بالغت التعقيد ومهام إدارية منقوصة الدعم المادي واللوجستي والسند الحكومي الا أنها أثبت أن مستقبل السودان النهضوي أساسه ضابط إداري محنك مشبع بالمعرفة يتولي زمام العمل الخدمي والتنفيذي علي مستويات الأقاليم والولايات والمحليات وما دونها من المسميات الإدارية ويتفرغ السياسيون الي العمل السياسي الرشيد والتشريع البرلماني الحكيم . حينها نستطيع القول بأن السودان في قمة الدول المتطورة .
وهنا أعود وأطرح ذات السؤال الموجود في عنوان المقال ( هل الضابط الإداري يحمل عصا موسي ) والقارئ والمواطن هو أفضل من يُجيب علي السؤال