
محمد الحسيني يكتب … ماذا يريد وزير الصحة الاتحادي 1- 2
الزفة :
محمد الحسيني
ماذا يريد وزير الصحة الاتحادي !!
حرب 15 أبريل المفروضة على الشعب السوداني ، ومقدرات ومكتسبات البلاد ، إلى حد كبير أظهرت هشاشة في بنية الدولة التنفيذية ، وبيّنتْ هنات كبيرة ، البلاد كانت ( ماشة بالبركة ).
بحمد لله وفضله وجهود نفر من أنباء السودان المخلصين إستطاعت كثير من مؤسسات الدولة أن تستعيد دورها لتسير دولة الدولة ، في ظل دمار شامل للبيانات ، والوثائق والمعلومات ، والبنية التحتية ، على يد أفراد مليشيا الدعم السريع وقامت بعملها وأدت وواجبها في خدمة المواطنيين وإن كان دون الطموح.
بعد الحرب وإلتقاط أنفاس الدولة من جديد وبدأت الحياة تدب في جسدها الهزيل وقتها ، توقع الناس دور فريد وأداء متفرد وتغيّير في شكل التخطيط والتنفيذ والتعاطي مع المشاكل والمعوقات ، ووضع الأسس السليمة ومعالجة الإختلالات السابقة ، ومعالجة شاملة في مؤسسات الدولة بطرح جديد يشبه السودان الذي نحلم به في كل شئ والذي يبدأ من المواطن ويعود إليه في شكل خدمات وتنمية ، وهذا لا يكون إلا بجهاز تنفيذي راشد وخبير ولديه رؤية .
ورغم كل هذا التخبط اللهم الا من بعض الإشراقات هنا وهناك ، ونماذج فردية قليلة ، تقف وزارة الصحة الاتحادية شامخة قوية قادرة ، كأنها لم تفقد شيئا ، ولم تتأثر بالحرب في شئ.
وزارة الصحة التي يقع عليها دور كبير في خدمة المواطنيين بتوفير المواعين العلاجية والصحية ، وتوفير المعدات لهذه المواعين ، بالإضافة إلى توفير الكادر وتدريبه، وتوفير العلاج ، في ظل تفشي وإنتشار لكثير من الأمراض المزمنة والفتاكة ، تعرضت مخازنها للسلب والإتلاف والحرق ، وشهدت المستشفيات دمار هائل في أجهزتها النادرة والدقيقة بالإضافة إلى القصف المدفعي الذي ما وجد مؤسسة صحية إلا وأحالها إلى خراب ، حتى بلغ الدمار والنهب في قطاع الصحة بالبلاد ،11 مليار دولار .حينها توقع الناس بعد كل هذا أن يحدث شلل تام وكامل في توفير العلاج والكوادر والمواعين العلاجية.
ولكن حينما يكون التخطيط السليم والتفكير خارج الصندوق والرؤية والخبرة حاضرة ، يمكن أن يستفيق المريض ويخرج من غيبوبته في غرفة الإنعاش ويصبح يد عاملة في خدمة البلد.
رغم تقطع الطرق وإستمرار الحرب ، وزيادة التردد على المؤسسات الصحية ، إلا أننا لم نسمع بندرة أو نقص في علاج في أي مكان بما فيها المناطق التي تتواجد فيها المليشيا وتسمى زورا تحت سيطرتها . وبعد النظر والتدقيق تجد وزير الصحة دكتور هيثم محمد إبراهيم يتحرك ليل نهار دونما توقف حينها تجد كلمة السر.
نعم وصلت إلى مطارات وموانئ ومعابر البلاد مساعدات طبية مقدرة ، ولكن بالتخطيط السلم إستطاع الوزير ومعاونه أن يحددوا بدقة حجم الحاجة وأماكن التدخل ، وطرق ووسائل ترقيع الخارطة الصحية ، مقروناً مع ذلك جولات ميدانية كبيرة وكثيرة إلى ولايات مثل الخرطوم والجزيرة ونهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا ، لتلمس الهنات ومعالجتها والوقوف ميدانية على معاناة الناس وتبسيطها ، وإحتياجات المرافق الصحية ومشكلاتها وتوفيرها.
ويكاد لا يخلو جدول الوزير من عمل في يوم في مكتبه كان ذلك أو خارجه ، ليقدم بذلك هيثم محمد إبراهيم نموذج فريد في العمل العام والتجرد لخدمة الناس ، وتشريف الكراسي لا التَشّرف بها .
هيثم محمد إبراهيم الذي قدم نموذج جيد في إدارة الأزمة الصحية المتجددة باعتبار أن مشاكل الصحة كان قبل الحرب وتفاقمت بعدها ، لكن برؤية وتخطيط حولها إلى نعمة وعافية بدأت تسري في جسد الوطن المتعب.
جولات ميدانية، إفتتاح مشروعات جديدة ، لقاءات ومشاركات خارجية ، إنجازات تسابق الزمن والظروف كلها تضعنا في حيرة من أمرنا ، ماذا يريد وين الصحة دكتور هيثم محمد إبراهيم.
هل يريد أن يعلمنا كسودانيين أنه بالتخطيط السليم تحل المشكلات ولو كان كبيرة ؟
أما أراد أن يقول لنا ما زالت حواء السودان ولد ، ولم تعبر في إنجاب رجال الدولة الحقيقين.
وربما قصد أن يهمس في أذاننا جميعا أن التجرد والتفاني نتائجه مضمونة .
فمن يتواجد مع المكتوين بحصار المليشيا في شمال بحري لشهور ويبكى لحالهم ، ومن يطوف بين خيام المهاجرين قسرا من قرى شرق الجزيرة في كسلا والقضارف ونهر النيل ، من يقف على أحوال الصحة والمرافق الصحية في الشمالية ونهر النيل بعد الضغط الكبير عليها بسبب النزوح وحلحلت مشكلاتها، يستحق منا كلمة شكر .
شكرا وزارة الصحة الاتحادية ، شكرا دكتور هيثم محمد إبراهيم، شكرا كل طاقم وزارة الصحة في بلادي ، وشكرا لكل كوادر الصحة التي ظلت تواصل الليل بالنهار تحت القصف من أجل الناس . شكرا جيشنا الأبيض لا تنسوا أن تكونوا رسل رحمة وعافية.
وأبقوا عافية .
وغدا نعود…