الأخبار

سفير المملكة المغربية لدى السودان في حوار خاص

بورتسودان : برودكاست نيوز

سفير المملكة المغربية لدى السودان في حوار خاص

حوار / عاصم البلال

الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية وضع رؤية نوعية لحسم ملف قضية الصحراء المغربية، موجها الدعوة إلى كافة فئات المجتمع المغربي إلى المبادرة بالدفاع عن الوحدة الترابية والتصدي لمناورات خصوم الوحدة الترابية للمملكة.

على هامش التطورات الهامة التي عرفها ملف قضية الصحراء المغربية قمنا بحوار خاص مع سفير المغرب بالسودان، عميد السلك الدبلوماسي الدكتور محمد ماء العينين، الذي أبرز لنا أهم جوانب المقاربة الملكية الجديدة لتدبير ملف الوحدة الترابية للمملكة على ضوء الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح البرلمان يوم الجمعة 11 أكتوبر.

في البداية نرحب بك سعادة السفير ونشكرك على تلبية الدعوة لإجراء هذا الحوار الاستثنائي الذي يأتي في ظل التطورات الاخيرة التي تعرفها قضية الصحراء المغربية على المستويين الداخلي والخارجي

السيد السفير كيف تنظرون إلى الرسائل التي وجهها الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان والذي تمحور بشكل كامل حول قضية الصحراء المغربية؟

” قبل كل شي يمكن القول أن خطاب جلالة الملك محمد السادس نصره الله هو إعلان عن استراتيجية عملية جديدة ونوعية لتدبير ملف الصحراء المغربية، ودعوة تعبئة إلى كافة الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والنخب الفاعلة للانتقال إلى مقاربة جديدة لتعاطي مع الوحدة الترابية، هذه المقاربة تستند على قوة الترافع والادلاء بالحجج على مغربية الصحراء وازالة كل غموض لمن لم يفهم بعد حقيقة هذا النزاع المفتعل أن قضية الصحراء المغربية هي قضية وجود وليست قضية حدود. لذا كان الخطاب الملكي السامي ذو بعد استراتيجي للانتقال بالملف من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير وفق أسس متينة عنوانها التنسيق بين كافة الفاعلين بمختلف انتماءاتهم، والترافع الجيد واختيار الكفاءات المناسبة لذلك في المحافل الإقليمية والدولية.

وفي هذا الصدد، نود التأكيد أن خطاب جلالة الملك امام البرلمان يعد اعلانا رسميا عن أن المملكة المغربية تحت القيادة الملكية الرشيدة والمتبصرة حققت انتصارات ايجابية بخصوص الوحدة الترابية والتصدي بحزم للأطروحات الانفصالية التي عفى عليها الزمن.

إن الرؤية الملكية الحصيفة لجلالته عبر المسارات الدبلوماسية الناجعة، تمكنت بحمد الله من عزل أعداء الوحدة الترابية وحلفائهم نتيجة تزايد الدعم القاري والدولي لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع المفتعل، وهذه الدبلوماسية الحيوية استطاعت باقناع عدة دول افريقية وعربية ولاتينية بفتح قنصليات في أقاليمنا الجنوبية كاعتراف منها على السيادة المغربية الكاملة على مدنه الجنوبية ، ولقناعة هذه الدول أن الاطروحات الانفصالية لن تحقق الاستقرار في المنطقة بل تعد خطرا جيوسياسيا على امن القارة الافريقية في ظل تنامي مخاطر البلقنة وتنامي الحركات الارهابية المسلحة ، وبالتالي فإن التنمية والاستقرار في الاقاليم الجنوبية سيكون نموذجا يحتذى به.

وقد تجلى هذا عبر المبادرة الاطلسية التي طرحها جلالة الملك حفظه الله في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة ولاربعين للمسيرة الخضراء المجيدة، والتي تخول لدول الساحل الإفريقي الولوج المباشرة إلى المحيط الأطلسي، حيث أعلن عن استعداد وضع المغرب بنياته التحتية، الطرقية والمينائية والسكك الحديدية، رهن إشارة دول الساحل والصحراء، بغرض تسهيل ولوجها إلى المحيط الأطلسي، للاستفادة من هذه الإمكانيات الضخمة
وعموما يمكن أن نحدد ثلاث أبعاد لتخصيص جلالته لقضية الصحراء المغربية كموضوع محوري في خطابه الموجه لمجلسي البرلمان، نذكرها في النقاط التالية :

البعد الوطني: تجلى في رمزية المؤسسة البرلمانية كمؤسسة تشريعية ونيابية منتخبة، يقدم من خلالها الملك حصيلة الانجازات الدبلوماسية التي تحققت في ملف الصحراء المغربية لكافة فئات الشعب وباقي الهيئات والدول، بما يعبر عن اجماع وطني متماسك بين الملك وشعبه حول عدالة القضية الوطنية؛

البعد الخارجي: وهي رسالة موجهة إلى مختلف خصوم الوحدة الترابية التي انبنت على مغالطات ومفاهيم وبواعث وظروف قانونية مشبوهة يشوبها العور والانحراف.

البعد المرجعي: الخطاب الملكي تذكير صريح بالمرجعية التي سبق أن حددها جلالة الملك نصره الله، باعتبار قضية الصحراء المغربية تعد النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وبأنها المعيار الذي تقاس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، وبأنها المحدد الوحيد للانخراط في أي شراكات استراتيجية مستقبلية مع أي بلد من بلدان العالم.

على ضوء ما تفضلتم به هل يمكن القول أن ملف الصحراء المغربية عرف منعطفات حاسمة على المستويين الداخلي والخارجي؟.

بكل تأكيد حمل الخطاب الملكي السامي في مضامينه منعطفات جديدة كما أعطى تشخيصا دقيقا للمكتسبات التي تم تحقيقها في مسار القضية الوطنية ككسب اعتراف دول دائمة العضوية بمجلس الأمن كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ، وباقي الدول الأوروبية والعربية والافريقية، واللاتينية هذه الدينامية تعكس فعالية الاداء الدبلوماسية المدروس الذي نجح في توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء كعربون نجاعة وقدرة وطنية على وتوجيه بوصلة القرار العالمي نحو الاعتراف الواسع بالسيادة المغربية على الصحراء.كل هذا يدعو الفئات والفاعلين في مجتمعنا الأبي إلى مواصلة التعبئة واليقظة للدفاع عن الوحدة الترابية، وتضافر جهود جميع المؤسسات الوطنية، سواء كانت رسمية أو حزبية أو مدنية، تظهر الحاجة إلى تعبئة وطنية شاملة في الدفاع عن قضية الصحراء.خاصة في ظل المناورات التي يقوم أعداء الوحدة الترابية وحلفائهم.

لقد ركز أمير المؤمنين وسبط النبي الأمين على ضرورة التعاطي مع ملف الصحراء المغربية بتجند كل الفاعلين الجدد في مسار استثمار المكتسبات التي تم تحقيقها، مع توسيع دائرة المعنين بذلك الآن.

فقضية الصحراء المغربية هي قضية إجماع وطني تهم كافة مكونات المجتمع المغربي وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وجميع المواطنين.

لذلك فإن الخطاب الملكي السامي يعتبر دعوة فعلية إلى مواصلة التعبئة الوطنية التامة من أجل الدفاع عن القضية الوطنية، وهو ما يتطلب عملا دؤبا وحسا تواصليا وتحقيق التنسيق والتكامل بين مختلف الفاعلين والهيئات بمختلف توجهاتها حتى يتسنى توحيد الخطاب ومناهج وأساليب ومرجعيات العمل الوحدوي الهادف.

السيد السفير أكد الاتحاد الاوروبي على لسان ممثله للشؤون الخارجية والامنية تشبت الاتحاد بشراكته الاستراتيجية مع المملكة المغربية، في نظركم السيد السفير ما هي الرسالة التي يريد أن يوجهها الاتحاد الاوروبي إلى دعاة المؤامرة على الوحدة الترابية المغربية؟

لا شك أن التصريح الذي أدلى به ممثل الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والامنية جوزيف بوريل ينسجم تماما مع الموقف الذي أعلن عنه المجلس الاوروبي يوم الخميس الماضي بتمسكه بالشراكة الاستراتيجية مع المملكة المغربية في كافة المجالات وهذا الموقف يتماشى مع الموقف الذي اعتمده وزراء الخارجية السبعة والعشرون في 14 أكتوبر ويشكل هذا الاعلان السياسي الأصوات المؤثرة القادرة والراغبة في التعريف بعدالة قضيتنا الأولى في المحافل الإقليمية والدولية.

سؤال أخير. كيف تنظرون إلى مستقبل قضية الصحراء المغربية على ضوء خطاب جلالة الملك؟

الخطاب السامي الذي أشرتم إليه يعكس بوضوح أن المغرب متمسك بحقوقه وسيادته على الصحراء ولن يتنازل عن هذه الحقوق المشروعة، بأي شكل من الاشكال مهما طال الزمن ومهما كلف ذلك من ثمن. فهذا الخطاب مستوحى من قناعات وثوابت الأمة المغربية الأبية التي تبقى على مدى الأيام منبع إلهام ومحور صمود وتحديات رسم معالمها أمير المؤمنين وسط النبي الأمين بما له من أصالة محتد وعراقة مجد وسمو رصيد وإرث تليد. في النهاية أود أن أتقديم إلى جريدتكم الذائعة الصيت بالشكر الجزيل على اهتمامكم بقضية الصحراء المغربية، كما أتوجه كذلك وعبر منبركم بالشكر الجزيل إلى السودان الشقيق على ثبات موقفه الأخوي الصادق الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية وذلك على ضوء اللقاء الأخير الذي جمع وزيري البلدين في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى