دكتور جادالله فضل المولي يكتب … القصر الجمهوري بين صيانة الحاضر وحماية التاريخ
بورتسودان : برودكاست نيوز

دكتور جادالله فضل المولي يكتب … القصر الجمهوري بين صيانة الحاضر وحماية التاريخ
نقطة إرتكاز
القصر الجمهوري السوداني يُعد رمزاً سياسياًوتاريخياً، يجسد هوية الوطن عبر العصور. في ظل الأزمات والحرب التي عصفت بالسودان، يبرز الحديث عن بدء مشروع صيانة هذا المعلم البارز، وسط تحديات إنسانية وقانونية هائلة. قبل الشروع في أي أعمال صيانة، لا بد من دراسة شاملة تحمي الإرث التاريخي وتضمن ملاحقة المسؤولين عن التدمير الممنهج، لتجنب تكرار ضياع فرص ماضية وحاضرة قد تُفقد البلاد مستقبلها.
قبل البدء لابد من إعداد تقرير شامل للمسح الجنائي من قبل الفرق القانونية والجنائية المختصة يُعد خطوة حيوية لتوثيق حجم الأضرار وتحديد المسؤولين عنها.هذه التقارير يجب أن تُرسل بصورة منتظمة إلى الجهات الدولية ذات الصلة مثل مجلس حقوق الإنسان، مجلس الأمن، ومنظمة اليونيسكو، لتسهيل عملية استرداد المفقودات وتوفير الدعم الفني لإعادة الإعمار.
البدء في أعمال صيانة دون استكمال الصحيفة الجنائية قد يُساهم في الإفلات من العقاب أمام المحاكم الوطنية والدولية.التسرع في الصيانة قد يؤدي إلى طمس أدلة جنائية مهمة تُحبط مساعي السودان لمقاضاة الأطراف المتورطة داخلياً وخارجياً.
من الأهمية بمكان التوثيق الإعلامي والتاريخي،التوثيق الشامل لأعمال الدمار التي وقعت على القصر والمنشآت العامة يُشكل إرثاً للأجيال القادمة، يُبرز حجم التحديات التي واجهها السودان. فرق فنية داخلية وخارجية مختصة يجب أن تعمل تحت إشراف وزارة الإعلام لتوثيق الدمار بطريقة احترافية وموضوعية.التوثيق الإعلامي يُمكن أن يُستخدم كوسيلة ضغط على المجتمع الدولي لتقديم المساعدات ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. هذا التوثيق يعزز من سردية السودان في المحافل الدولية ويُظهر حجم الجريمة التي وقعت على الأمة.
المباني ذات القيمة التاريخية، مثل القصر الجمهوري،المتحف القومي دار الوثائق القومية. يجب أن تُستبعد من أعمال الصيانة المستعجلة وتحريزها لحين تكوين فرق صيانة مختصة تحت إشراف وزارة الثقافة وهيئة الآثار. هذه الفرق يجب أن تعمل وفقاً لمعايير دولية تُحافظ على القيمة الحضارية للمباني.وضع المباني تحت الحراسة المُشددة يضمن عدم تعرضها لمزيدمن الأضرارأثناءعمليات الصيانة أو الترميم.دعم الفرق الوطنية بالمساعدات الفنية من هيئات دولية يُسهم في إنجاز صيانة ذات جودة عالية تُحترم القيم التاريخية.
ضرورة التمهل قبل الصيانة
العدو لا يزال يمتلك القدرة على تدمير المنشآت التاريخية، بما في ذلك القصر الجمهوري، مما يُحتم التمهل قبل بدء أي أعمال صيانة. الاستعجال قد يؤدي إلى خسائر فادحة في الإرث الوطني.
الأبعاد القانونية والفنية لهذه القضية يجب أن تكون الأولوية، لتجنب أي زريعة إدارية مستعجلة تُؤدي إلى طمس الجريمة.الحماس المستعجل قد يُمحو آثار الجرائم المرتكبة، مما يُضعف من موقف السودان في ملاحقة الأطراف المتورطة دولياً.
صيانة القصر الجمهوري ليست مجرد مشروع هندسي، بل هي قضية وطنية تتطلب تمهلاً ودراسة معمقة تشمل الأبعاد القانونية والفنية والتاريخية. السودان بحاجة إلى رؤية طويلة المدى تُحافظ على إرثه وتُحاسب المتورطين في الجرائم، لتجنب أخطاء الماضي التي أضاعت كثيراً من الفرص. الأمانة تجاه الأجيال القادمة تُحتم علينا التوثيق الدقيق وإدارة هذه القضية بحكمة ومسؤولية. حفظ الله السودان وشعبه