
يوصف الزعيم الليبي الراحل بلقب زعيم كوميديا الأمم المتحدة؛ ليس ذلك نظرًا لكونه خفيف الظل ويستطيع المزاح في خطاباته، ولكن نظرًا لتصرفاته الغريبة والمفاجأة التي تكون سببًا للضحك عادةً. الخطاب التاريخي للقذافي كان ذلك الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2009، وهو الخطاب الذي ألقاه خلال أول زيارة له للأمم المتحدة، وذلك بالرغم من وجوده على رأس الحكم الليبي منذ عام 1969، ولكن يبدو أنه قرر أن يلقي خطابًا يعبر فيه عن كل ما أراد أن يتحدث عنه أمام الأمم المتحدة منذ توليه السلطة وحتى ذلك التاريخ، أي أنه خطاب يحمل تاريخ 40 عامًا كاملة.

سلَّط القذافي الضوء في خطابه على كل شيء في العالم تقريبًا: إسرائيل، وحركة طالبان، والغزو الأمريكي لجرينادا عام 1983، وحتى وصولًا إلى أنفلونزا الخنازير، مارًا في المنتصف بالهجوم على مجلس الأمن، والذي أكد أنه يجب أن يتم تسميته مجلس الإرهاب بدلًا من ذلك.
الأمر الآخر في الخطاب نفسه هو عندما حمل القذافي نسخة من ميثاق الأمم المتحدة، والذي قرأ منه بعض الجمل، ثم قام بتمزيقه وإلقائه أمام القادة والرؤساء أثناء الخطاب الذي استمر قرابة 100 دقيقة كاملة؛ غير أن الوقت المسموح به لإلقاء الخطب في الأساس طبقًا لنظام الأمم المتحدة هو 15 دقيقة فقط لكل فرد؛ ولكن القذافي استمر لأكثر من ساعة ونصف ساعة كاملة.
ولمَّا كان خطاب الرئيس الأمريكي حينها، باراك أوباما، قبل خطاب القذافي، فإنه لم يلتزم بفترة 15 دقيقة لخطابه حينها، بل تحدث لمدة 40 دقيقة كاملة، نظرًا لكونه الخطاب الأول لأوباما في الأمم المتحدة بعد أن أصبح رئيسًا؛ غير أن القذافي اتخذ من ذلك مهربًا له لعدم الالتزام بتوقيت الخطاب أيضًا؛ فكلما أرسل أحد له أي شيء يستعجله لإنهاء خطابه، رفض معللًا بأنه طالما الرئيس الأمريكي استطاع تخطي الوقت المسموح للخطاب، فهو أيضًا يمكنه ذلك.
وعلى الرغم من وجود الرئيس الكوبي فيدل كاسترو في القاعة، والذي يعتبر صاحب أطول خطبة في الأمم المتحدة في التاريخ، والتي وصلت إلى أربع ساعات ونصف الساعة عام 1960 جالسًا، إلا أنه لم يجد بُدًّا من النوم في خطبة القذافي التي استمرت ساعة ونصف الساعة.
خطاب القذافي الطويل كان سببًا لانهيار المترجم الفوري، والذي يقوم بترجمة ما يقوله القذافي من العربية إلى الإنجليزية للرؤساء، والزعماء الآخرين؛ حيث قام بترجمة 75 دقيقة كاملة، إلا أنه بعد ذلك انهار عبر السماعات التي يستمع عبرها القادة الرؤساء؛ مؤكدًا أنه لا يستطيع ترجمة كلام القذافي مرة أخرى.
وحدثت خلال القمة أزمة بسبب خيمة الرئيس الليبي في ذلك الوقت، حيث طالب بإقامة خيمة بدوية كبيرة له في نيويورك إلا أن طلبه قوبل بالرفض؛ ولكن أحد كبار أباطرة تجارة العقارات في ذلك الوقت والرئيس الحالي للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب احتوى الأزمة بسماحه للقذافي بإقامة الخيمة في فناء منزله.