اعمدة راي

عثمان ميرغني يكتب …اخطاء في مسودة الاتفاق السياسي النهائي

الخرطوم : برودكاست نيوز

عثمان ميرغني يكتب …اخطاء في مسودة الاتفاق السياسي النهائي.

إطلعت على مسودة الاتفاق السياسي النهائي التي سلمتها القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري إلى مجلس السيادة أمس الأول، تمهيداً لإجازتها بصورة نهائية والتوقيع عليها في اليوم الأول من إبريل 2023 (بعد ثلاثة أيام).

وبكل أسف كل ما حذرت عنه من أول يوم بعد توقيع الاتفاق الإطاري بدا واضحاً في هذه الوثيقة الجديدة، و كنت كتبت وتحدثت في الإعلام محذراً من حاكمية هذا الاتفاق على المجلس التشريعي الذي سينشأ منه.

يفترض أنه بعد توقيع هذا الاتفاق السياسي النهائي في 1 إبريل 2023، يوقع على دستور انتقالي في يوم 6 إبريل 2023، ثم في 11 إبريل 2023 يبدأ تشكيل هياكل الفترة الانتقالية وعلى رأسها الحكومة التنفيذية التي تبدأ باختبار رئيس الوزراء.. ثم بالضرورة تشكيل البرلمان.

عندما يبدأ البرلمان أعماله فهو “سيد نفسه” لا تعلو عليه مؤسسات ولا اتفاقات مهما كانت، بل حتى الدستور ينظر فيه البرلمان ويعدله بالأغلبية المحددة، ويستطيع البرلمان سحب الثقة من رئيس الوزراء –فضلاً عن الوزراء أيضاً- فيظل السؤال المهم، لماذا أفرطت بنود الاتفاق النهائي في تفاصيل قضايا هي من صميم عمل البرلمان؟ .

بكل يقين؛ عند صياغة الاتفاق النهائي كان في عقل من أعدوه أن الاتفاق يمثل الحاكمية الأعلى للدولة في الفترة الانتقالية، دون اعتبار لموقع المجلس التشريعي، فوضعوا في الاتفاق كل التفاصيل التي يرونها، وكأني بهم ألغوا دور البرلمان وحولوه لمجرد لجنة عادية غير قادرة على تخطي بنود الاتفاق أو ما ينشأ عنه من دستور انتقالي.

خطورة هذا الأمر، أنه يفرض مقارنة بين وزن وثقل الـ300 عضو نيابي في البرلمان في مقابل من أسند اليهم صياغة الاتفاق الإطاري وما قد ينتج عنه من وثيقة دستورية.. وبالتأكيد لا مقارنة، فالبرلمان حتى ولو كان بالتعيين وليس الانتخاب لكنه أعلى مؤسسة في الدولة و يختص بالتشريع والرقابة بل وسحب الثقة من رئيس الوزراء والوزراء، و الاتفاق السياسي يفترض أنه لمعالجة الأزمة الناتجة من انقلاب 25 أكتوبر 2021 وإنهاء الوثيقة الدستورية على مستوى هياكل الدولة.

وطالما أن هناك مجلساً تشريعياً سينشأ مع تدشين الفترة الانتقالية الثانية، فالأجدر أن تترك له –وبحكم تفويضه- حسم القضايا خاصة تلك التي شملتها الورش التي أخرت الاتفاق النهائي كثيراً.. فلولا هذه الورش كان من الممكن تحويل الاتفاق الإطاري إلى نهائي في ديسمبر 2022، ويدخل السودان العام الجديد 2023 يحكومة مدنية تستكمل الفترة الانتقالية.

من الحكمة الآن –ورغم الأخطاء البائنة كالشمس في مسودة الاتفاق النهائي- الاستمساك بالمواقيت المعلنة، فلا وقت للتعديلات .. ولتترك كلها للمجلس التشريعي المتوقع أن يعلن قبل نهاية رمضان.
عثمان ميرغني .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى