تعددت تحركات المبعوث الأميركي .. هل ستثمر
يعمل المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، على تكثيف مشاوراته في القاهرة مع المسؤولين المصريين وممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية، بهدف إيجاد حلول لإيقاف الحرب المستمرة في السودان.
وصل بيرييلو إلى القاهرة بعد إجراء مشاورات مع مسؤولين في العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء، بهدف “تنفيذ إعلان جدة ومتابعة الجهود الدولية لإنهاء الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية”، وفقًا لما أعلنه المبعوث الأميركي عبر حسابه الرسمي على منصة (إكس) يوم الخميس.
ذكر المبعوث الأمريكي إلى السودان أنه “زار مصر لعقد محادثات تتعلق بالبحث عن حلول لإنهاء الحرب في السودان”.
أشار في تصريحات عبر التلفزيون مساء الأربعاء إلى أن “واشنطن تعمل مع القاهرة ومع شركاء آخرين لتسوية أزمة السودان”.
أشار بيرييلو إلى أن “بلاده تسعى لتخفيف العنف في السودان”، موضحاً أن “هناك جهات أخرى تشارك في النزاع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتريد من اطالة الحرب.”
واعتبر من ضمنها “عناصر مرتبطة بالنظام السوداني السابق (نظام عمر البشير)”.
وأشار إلى أن “هناك أسلحة يستوردها الأطراف المتنازعة من الخارج”.
أفادت مصادر سودانية (قابلت المبعوث الأميركي إلى السودان في القاهرة) بأن “بيرييلو يسعى للتشاور مع المسؤولين في مصر من أجل تحفيز وفد الحكومة السودانية على المشاركة في المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة الأميركية في جنيف”.
وقالت المصادر – التي طلبت عدم ذكر اسمها – لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن المبعوث الأميركي “يأمل في جمع طرفي النزاع (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) في قاعة واحدة خلال المباحثات المتعلقة بوقف الحرب”.
وأشارت إلى أن المبعوث الأمريكي “يعتمد على القاهرة لإقناع الحكومة السودانية بالمشاركة بشكل مباشر في المفاوضات”.
وأوضحت أن “بيرييلو يعتبر أن بند وقف العدائيات والحرب يستدعي أن تشارك الحكومة السودانية بشكل مباشر في الاجتماعات، بدلاً من الاعتماد على التواصل عن بُعد”.
تناقش وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، مع نظيره السوداني، حسين عوض، في القاهرة يوم الاثنين الماضي حول “نتائج اجتماعات جنيف، وتقييم الأنشطة التي تمت، وكذلك الجهود الدولية المبذولة لحل الأزمة”.
وأكد عبد العاطي على “دعم بلاده لوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه”، حسب ما ذكرته “وزارة الخارجية المصرية”.
بدوره، أشار المبعوث الأمريكي إلى السودان إلى اجتماعه بـ “أعضاء من المجتمع المدني السوداني في القاهرة”.
وأوضح في تصريح له عبر (إكس) يوم الخميس أنه “استمع إلى مطالبهم الواضحة من المجتمع الدولي بضرورة زيادة الضغط لإنهاء الحرب في السودان”، مشيرًا إلى أن “الشعب السوداني يواصل الدعوة من أجل السلام وتوفير الغذاء والأمان”.
يعتقد الباحث السوداني صلاح خليل، من “المركز المصري للفكر والدراسات السياسية”، أن “تدخلات الإدارة الأميركية في الأزمة السودانية تواجه تحديات، نظرًا لعدم نجاح مفاوضات جنيف في اتخاذ تدابير لوقف النزاع”.
وذكر أن “واشنطن لم تتمكن من الضغط على (الدعم السريع) لتنفيذ نتائج اتفاق (جدة) الإنساني، مما يحول دون إمكانية مشاركة الحكومة السودانية في المفاوضات”.
وأشار خليل إلى “عدم وجود حلول جذرية للأزمة السودانية، بسبب استمرار الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع”، مضيفاً لـ”الشرق الأوسط” أنه “لا يمكن تحقيق السلام أو وقف إطلاق النار إلا من خلال تنفيذ إعلان جدة وما نتج عنه”.
وحذر في الوقت ذاته من “استمرار العمليات العسكرية في ولايات ومدن متعددة في السودان في الآونة الأخيرة”، مشيراً إلى أن الجيش السوداني “حقق تقدماً في بعض الولايات مثل سنار”.
بعد اندلاع الحرب الأهلية في السودان، نظمت مدينة جدة، بتنسيق مشترك بين السعودية والولايات المتحدة، محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأسفرت هذه المحادثات عن توقيع ما يعرف بـ “إعلان جدة الإنساني”.
ونص في ذلك الوقت على ضرورة حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.
بينما يعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة “التيار” السودانية، أن “استمرار الاتصالات الدولية يدل على أن مفاوضات جنيف أصبحت آلية دائمة تعمل على مدار الساعة مع الأطراف المختلفة لوقف الحرب وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية”، مشيراً إلى أن “جهود الوساطة الدولية تمكنت من إحراز تقدم في إدخال المساعدات الإغاثية للمتأثرين من النزاع”.
أشار ميرغني لـ”الشرق الأوسط” إلى أن “الأولوية القصوى في الوقت الراهن (لوسطاء جنيف) هي كيفية إنهاء الحرب”.
قال إن “استمرار غياب وفد الحكومة السودانية عن المفاوضات سيظل عائقًا أمام نجاح الجهود الدولية”.
وأشار إلى تأثير “الضغوط السياسية التي تمارسها قوى الإسلاميين في السودان المرتبطة بنظام عمر البشير من أجل إنهاء مشاركة الحكومة في المفاوضات”.